Akhbar Alsabah اخبار الصباح

المقال الممنوع لغادة الشريف عن ضباط يوليو 1952

غادة الشريف كشفت الكاتبة والطبيبة غادة الشريف عن منع صحيفة "المصري اليوم" نشر مقالها اليومي، اليوم الثلاثاء، والذي انتقدت فيه ضباط يوليو 1952، لافتة إلى دهشتها من منع السيسي مقالها رغم أنه ليس من هؤلاء الضباط حتى يغضب من انتقادهم.

وقالت عبر صفحتها بموقع "فيسبوك"، إن هذا المنع لم يحدث لمقالاتها "في عهد الإخوان"، وقالت: "المقالة عن حكم ضباط ثورة يوليو 52، ومعلوماتي أن السيسي مش من ضباط ثورة يوليو، ولاّ يكونوش دخلوها في الإنجازات من ورانا؟

واختتمت تدوينتها قائلة: "ما علينا، أنا قلت بقى جحا أولى بلحم ثوره فأنزلها على صفحتي تستمتعوا بيها.. وأهم حاجة ما تنسوش إن السيسي خايف من شفيق".

نص المقال الممنوع

"عيني فيه وأقول إخيي"!

لست أدري بماذا سيسمي التاريخ فترة حكم ضباط يوليو لمصر.. هل مثلاً على نفس نسق دولة الفاطميين ودولة المماليك ودولة العثمانيين والدولة العلوية، هل سيسميها دولة العسكريين، أم دولة الضباط، أم دولة العسكر؟.. لست أدري.. لكن الأكيد أن التاريخ سوف يذكر أنه رغم أن دولة ضباط يوليو كانت هي الدولة الوحيدة التي مثلت حكم مصر بأبنائها، إلا أنني أخشى أنه سيذكر أيضًا أن هذه هي الدولة التي هوت بمصر في حفرة مالهاش أرار!.

بالتأكيد سيذكر أنه رغم أن عنوان حكمهم لمصر كان انتهاء الملكية وبدء الجمهورية إلا أن جميعهم بدون استثناء كانت عينهم على الملكية وكانوا يعيشون حياة الملوك بكل تفاصيلها.. لكن للأسف أنهم ما أخذوا من الملكية سوى المظاهر بينما تخلوا تمامًا عن البناء على الإنجازات أوحتى الحفاظ عليها..

أين اختفت المجوهرات الملكية؟..

كيف آلت بعض القصور لبعض الضباط؟..

وخذ عندك بقى يا حمادة التدهور في جميع المجالات: تعليم، صحة، بنية تحتية، معمار، ثقافة.. كل المجالات!..

مشكلة جيلنا وجيل آبائنا أننا جيل الوسط الذي تنعم في صغره بمزايا حكم الملكية ثم صدم في شبابه و كهولته بالآثار السلبية لحكم دولة ضباط يوليو.. جيل آبائنا تحديدًا نال تعليمًا راقيًا ذا مستوى عال في فترة حكم الملك فؤاد و ابنه فاروق.. إحنا كنا في ذيلهم لأنه حتى في سبعينيات القرن الماضي كان التعليم لا يزال يحتفظ بما وضعه عباقرة التعليم في عهد الملكية..

أما بعد ذلك بدأ التدمير الممنهج للتعليم تحت مسمي التطوير، وهو ما أسفر عما تراه حولك الآن من تردى المستوى الثقافى بين الشباب.. بالتأكيد سيذكر التاريخ لعبد الناصر أنه أعلى من شأن مفهوم "القومية العربية"، لكني أتساءل، هل تصدير الثورات ميزة؟.. لست أدرى.. هناك دول أرى شخصيًا أن وجود الاستعمار الفرنسي بها أفادها جدا مثل دول المغرب العربي.

صحيح أنه أضرهم بإلغاء اللغة العربية كلغة قومية لكن هذا لم يجعلهم مثلا يجهلون أنهم عرب، بل إن استخدامهم للفرنسية كلغة أساسية ساعدهم على الانفتاح الثقافى على أوروبا حتى رأينا الآن وزيرة فرنسية من أصل مغربى!..

المؤكد أن النهوض بالصناعة المصرية كان أحد ميزات عبد الناصر الكبرى و هى الميزة التى فشل فيها من خلفوه فى الحكم، لكنه على الصعيد الداخلى لم يؤسس لدولة حقيقية تستطيع أن تواصل مسيرة النجاح هذه بعد وفاته..

ربما تكون أحد مساوئ عبد الناصر أيضا أنه أسس للحقد الطبقى، فجعل الفقير يعتقد إن ربنا مش هينفخ فى صورته إلا إذا اتحرم الغنى من ثروته و مشى يشحت!.. أخطاء عبد الناصر كانت قاتلة بقدر ما كانت إنجازاته ناجحة.. لكن لأنه لم يؤسس دولة ديمقراطية و نظام سياسى ديمقراطى يحافظان على إنجازاته نتج عن هذا أن بزوال عبد الناصر زالت الإنجازات و بقيت الأخطاء!.. عبد الناصر و السادات و من بعدهم مبارك كانت عينهم على الملكية رغم إدعائهم الجمهورية، لذلك حكموا بإستراتيجية تتبع الهوى الفردى و لا تتبع منهجا معروفا فى السياسة أو الاقتصاد..

عبد الناصر رمى مصر فى أحضان الكتلة الشرقية، ثم جاء السادات طرد الروس و رماها فى أحضان الأمريكان، ثم جاء مبارك استمر على نهج السادات و إن كان استخدم الروس لإشعال غيرة الأمريكان!.. أما مصر، فركبت المرجيحة طوال 30 سنة!.. عبد الناصر أتى من العسكرية للحكم خبط لزق لذلك كان مهووسا بحلمه بالزعامة العربية فزج بنا فى حروب تسببت فى وفاة العديد من أبنائنا فى اليمن و خسارتنا لأرض سيناء..

أتى السادات فاسترد الأرض، لكنه أهمل الصناعة المحلية التى دشنها عبد الناصر و أغرقنا فى مستنقع الاستهلاك بدعوى الإنفتاح، ثم كانت خطيئته الكبرى بتفريخ العناصر الإسلامية ليواجه الحركة السياسية الطلابية..

لن أتحدث عن مبارك فهذا لا يزال من الماضى القريب، لكن، فى مجمل الثلاث فترات من حكم هؤلاء الضباط تم القضاء على كل ما خلفته الملكية من إنجازات فى تعليم و صحة و حياة سياسية و نيابية و حتى جمال المعمار، فتم تحويل القصور الملكية لمدارس حكومية أهلكتها، أو هدمها لبناء فنادق.. أضف على هذا ما شهدناه من زيادة صعوبة المعيشة كلما مرت السنون.. كل هذا يجعلنى أتساءل هل كان صائبا أن يحكم مصر أبناؤها و لا كانوا سابوها و سابونا فى حالنا أحسن؟!
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الثلاثاء 31 اكتوبر 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com