Akhbar Alsabah اخبار الصباح

الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية تهرول نحو التطبيع مع الصهاينة

الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية تحولات كبيرة في أفكار وتوجهات كثير من أعضاء المجمع المقدس بالكنيسة الأرثوذوكسية المصرية نحو التطبيع مع الصهاينة، وتستشهد قيادات الكنيسة في تبرير هذه التحولات بهرولة النظام المصري والسلطة الفلسطينية وقيادات وصفتها بالإسلامية، منها مفتي العسكر علي جمعة، نحو التطبيع مع الصهاينة.
وبحسب مراقبين، فإن هذه التحولات الكبرى تتوافق مع توجهات جنرالات العسكر وزعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي يُبدي ودًّا كبيرا تجاه "بني صهيون"، وسط تعاون أمني وثيق لضمان أمن الصهاينة من جهة، واسترضاء الإدارة الأمريكية من جهة أخرى.
وكان البابا شنودة الثالث، بابا الكنيسة الراحل، قد أصدر قرارا في ثمانينات القرن الماضي، يقضي بمنع زيارة الأراضي المقدسة بفلسطين، مهد السيد المسيح، ما دامت تحت سيطرة الاحتلال، مؤكدا أن الأقباط لن يدخلوا القدس إلا مع إخوانهم المسلمين؛ وهو الموقف الذي لاقى ترحيبا كبيرا وإشادة واسعة من جانب كل القوى السياسية في البلاد وخارجها.
وعادة ما يثار هذا الموضوع خلال أسبوع الآلام في شهر أبريل من كل عام، قبل ما تسمى بأعياد القيامة عند الكنيسة، ورغم تمسك البابا تواضروس بقرار البابا شنودة والمجمع المقدس للكنيسة، الصادر فى ثمانينات القرن الماضى بمنع زيارة الأقباط إلى القدس، فإن الكنيسة لم تتشدد فى مواجهة المخالفين لهذا القرار، ولم يتم توقيع العقوبات التى كانت تطبق بصرامة فى عهد البابا شنودة، وهو مؤشر واضح على هذه التحولات الكبرى.

وقام تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بزيارة مفاجئة إلى القدس، في نوفمبر 2015م؛ وعلل ذلك بحضور قداس جنازة مطران القدس والشرق الأدنى؛ بينما وصفتها صحيفة المصري اليوم وقتها بشرخ في جدار مقاطعة الصهاينة.

ونشرت صحيفة الوطن، في عدد السبت 21 أكتوبر 2017م، تقريرًا لها بعنوان «أساقفة يطالبون «تواضروس» رسميا بإلغاء قرار «شنودة» بمنع «الزيارة»، تنقل فيه عن مصدر كنسي وجود تحول فى وجهة نظر بعض أعضاء المجمع المقدس للكنيسة، من مطارنة وأساقفة، حول السفر إلى القدس، فى ضوء المتغيرات الموجودة حاليا، حتى وصلت إلى رفع أعضاء لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس للكنيسة برئاسة الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها، طلبا رسميا إلى المجمع المقدس لإعادة دراسة قرار منع زيارة القدس والسماح للأقباط بـ"التقديس"، في إشارة إلى السماح بزيارة القدس رغم أنها لا تزال تحت سيطرة الاحتلال.

ذرائع الكنيسة للتطبيع
ويسوق أحد أعضاء المجمع المقدس للكنيسة، عدة ذرائع لتبرير هذه التوجهات الجديدة على أعضاء المجمع المقدس، مؤكدا أنه تم تقديم طلب بالفعل للبابا تواضروس بهذا الأمر، ويبدو أن البابا نفسه متقنع بهذا الأمر، لكنه رأى التأجيل خوفًا من الحملات الإعلامية وردود الفعل التي قال إنها تترصد لقيادات الكنيسة ومواقفها.
ووفقا للمصدر الكنسي، فإن لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس، كانت ترى أن القرار يحتاج فى هذه المرحلة لإعادة دراسة متأنية وموضوعية، على أرضية وطنية، وذلك بسبب المتغيرات الكثيرة التى طرأت على الساحة المصرية والإقليمية منذ إصدار المجمع المقدس لذلك القرار، منها اختلاف الأسباب التى صدر من أجلها القرار وقتها عن الظروف الحالية، وتغير المناخ الرافض للتطبيع بصورة كبيرة، رغم أن المحتل الإسرائيلى هو العدو الأول للعرب، خاصة مع احتلاله للأراضى الفلسطينية، إلا أنه يوجد نوع من التغيير فى العلاقة والنظرة للتطبيع، ومنها قبول الحكومة بالتطبيع الاقتصادى عبر اتفاقية الكويز، ومنها أيضاً التعاون الأمنى فى بعض الأحيان، كما أن السلطة الفلسطينية فى أكثر من مناسبة طالبت قيادة الكنيسة بالسماح للأقباط بزيارة القدس.
ويتابع المصدر الكنسي أنه مر على منع الأقباط من زيارة الأراضى المقدسة بفلسطين نصف قرن من الزمن، وذلك منذ حرب 1967 وحتى الآن، وهذا يعنى حرمان جيل كامل من الزيارة، وفى نفس الوقت لا تتضح أى انفراجة فى المستقبل القريب بزوال الاحتلال الإسرائيلى الجاثم على صدر فلسطين.
تطبيع كنسي مبطن
ووفقا لمراقبين وراصدين، فإن الكنيسة بدأت بالفعل الهرولة الرسمية نحو التطبيع، دون إعادة النظر في قرار المجمع المقدس في عهد البابا شنودة؛ حيث أعلن المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومقره داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، عن تنظيم رحلات الأقباط للقدس فى عيد القيامة 2018، عبر شركة «كريسمار ترافل» التابعة للمركز الذى يشرف عليه الأنبا أرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى.
وعمد المركز للترويج لبرامج تلك الرحلات بشكل علنى عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى، ما يؤكد أن تطبيع الكنيسة مع الصهاينة يمضي على قدم وساق دون إعادة النظر في القرار الذي سيتم إلغاؤه عمليا، وهى المرة الأولى للمركز والكاتدرائية أن تعلن عن تنظيم تلك الرحلات، برغم قرار المجمع المقدس للكنيسة بمنع زيارة الأقباط إلى القدس، وهو القرار الذى استمر العمل به حتى رحيل البابا شنودة، وأعلن البابا تواضروس عن استمرار سريان القرار وعدم إلغائه.
ليس هذا فقط، ولكن الكثير من أقباط المهجر يقومون حاليا بالتطبيع مع الصهاينة بزيارة المقدسات فى فلسطين دون قيود، ما يؤكد أن الكنيسة تهرول برغبة جامعة نحو التطبيع مع الصهاينة، دون النظر إلى الموقف الشجاع السابق الذي لاقى ترحيبا كبيرا من جانب الجميع.
البابا يوافق لكنه يخشى ردود الفعل
ويكشف عضو المجمع المقدس أن الطلب قُدم إلى البابا تواضروس الثانى، وسكرتارية المجمع المقدس، إلا أن البابا أجّل مناقشة الأمر فى ضوء البعد الإعلامى الذى تتخذه قيادة الكنيسة وحسابات رد الفعل، خاصة أن هناك بعض الأشخاص يترصدون تصرفات القيادات فى البلد، ومنها القيادات الدينية، وعلى رأسها البابا تواضروس.
وأضاف عضو المجمع المقدس، أن البابا تواضروس ربما يكون مقتنعا تماما بالفكرة، ولكنه يرى التمهيد لها لمدة أطول من أجل الرأى العام.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأحد 22 اكتوبر 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com