Akhbar Alsabah اخبار الصباح

كيف تحرر مسجونًا في مصر؟

مسجون في مصر لدى كل أسرة معتقل قصة لا يعلمها سواهم ومن حولهم. وبينما يصل إلى الجمهور فقط خبر الاعتقال أو الإفراج، هناك مراحل من الألم والأمل والإحباط والتفاؤل لا نعلم عنها.

نشرت صحيفة "ميدل إيست آي" مقالًا لهناء سلطان، شقيقة المعتقل محمد سلطان الذي أطلق سراحه في 2015م بعد تنازله عن الجنسية المصرية، حكت فيه التفاصيل التي مرّت بها منذ لحظة علمها باعتقال شقيقها حتى إطلاق سراحه.

وإلى نص المقال:

عندما اُعتُقل أبي وأخي في أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي كنتُ في العشرينات وأعيش حياة مستقرة في شمال فيرجينيا، وبعد أيام من التظاهرات التي وقعت بمصر وصلتني رسالة من أخي محمد يخبرني أنه تم اعتقاله، وبعدها بأسابيع علمت باعتقال أبي.

بدأتُ أفكّر في تأمين خروج أخي، وبدأ أصدقاؤه في التواصل لسؤالي عما يمكنهم فعله، وبدأنا في محاولة الضغط من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حتى أحصل على تغطية عالمية لاعتقاله. وتواصلتُ مع السفارة الأميركية في القاهرة ومع بعض المحامين البارعين.

وتفاجأت أن الحملة الخاصة بالإفراج عن محمد أخذت حيّزًا من الاهتمام الدولي بفضل الأشخاص الذين أعطوا من وقتهم وطاقتهم ومواردهم للضغط لإطلاق سراحه، على الرغم من فشل الحملة مائة مرة قبل نجاحها.

وبجانب أخي، وجَدَتْ سيدة أخرى مصرية أميركية نفسها في الحبس هي وزوجها لمحاولة تحقيق حلمهم بعد ثورة 25 يناير، وتطلّب خروجهما تدخلًا خارجيًا بعد ثلاث سنوات من الحبس الاحتياطي.

ومثلنا، وجدت عائلة "آية" أشخاصًا لمساعدتهم خلال محنتهم وبحثهم عن العدالة؛ من خلال المحامين أو إيصال الملفات الخاصة بالقضية، أو الضغط الإعلامي ومن خلال مواقع التواصل؛ حتى من لم يستطع فعل شيء ساعد بدعائه.

وفي كل لحظة إحباط خلال القضية، ومن أبرزها عندما حكم على أخي بالحبس مدى الحياة والحكم على والدي بالإعدام، وجدتُّ بجانبي كثيرًا من الأشخاص الذين حاولوا ما بوسعهم لتغيير مصير عديدين، ولم أعرف الغالبية منهم قبل هذه المحنة؛ وبالتأكيد مرّت أسرة آية بهذه المراحل نفسها.

ومن أصعب المراحل التي مررت بها رفض عديد من المحامين الذين كنت على تواصل معهم أن يتولوا القضية؛ بسبب ما وصفوه "تغيّر المناخ السياسي" أو لعدم رغبتهم في تصنيفهم، أو لكراهيتهم للمتظاهرين المسجونين؛ فبعد الإطاحة بمرسي تحوّل الشعب بين متعاطف مع الرئيس السابق وبين الرافض له والمتعاطف مع ما يأتي من الحكم العسكري. شعرتُ مثل كثيرين بحالة من الذهول.

وعلمنا حينها أننا لن ندع الاضطرابات السياسية الأوسع أن تحدد قصة محمد، وعلمنا أن علينا بذل جهد مضاعف للحديث إلى الناس من خلال تكسير حواجز التوترات السياسية لتذكيرهم بالتكلفة البشرية للأحداث التي تقع في مصر.

وبالطبع تعثرنا في الأشخاص الذين كانوا يفضّلون التصنيفات؛ لأن محمد لم يكن تابعًا لأحد؛ إذ لم يكن مولعًا بحكم مرسي، ولكنه أيضًا رفض التخلي عن حلم الديمقراطية لصالح الحكم العسكري. ولم يكن محمد مواطنًا أميركيًا فقط؛ حيث إنه كان فخورًا بتراثه وجنسيته المصرية.

وبدأنا بالحديث عن محمد وعن حياتنا حتى يعلم الجميع عنه وعن الفراغ الذي تركه في حياة أسرته، ورأينا أسرة آية تفعل الشيء نفسه.

ولم أُفاجأ حين أُطلق سراحه؛ حيث إنه أثّر في حياة كثيرين، وكلما علم أحد عن حياته كانت قصته تنتشر أكثر ويقل إحباطنا. ورغم ذلك، كانت هناك أوقات نفقد فيها الأمل؛ ليعود مجددًا بعد سماعنا أخبارًا إيجابية. فعلى سبيل المثال، علمنا أن الرئيس السابق باراك أوباما علم بقصة محمد وتحرّك لمساعدتنا في إخراجه، وكان بمثابة الدفعة التي نحتاجها. ولكن، على الرغم من احترام ما فعله؛ فإنه لم يكن سبب خروجه؛ حيث سبقه عديد من الأشخاص الذين أعطوا وقتهم لمساعدة محمد وتحقيق العدالة.

وبعد ما مررنا به، أستطيع أن أؤكد أنه لا يوجد شيء واحد يُنجح عملية خروج المسجونين؛ حيث رأيتُ عديدًا من الحملات الناجحة.

في الدوائر السياسية، تتسبب أخبار مثل إطلاق سراح آية في النقاشات حول المصالح الإقليمية والتوترات الدبلوماسية.

أما في الواقع، فإن هناك جهودًا تعتبر خروجًا عن المألوف في الدبلوماسية والمناورة القانونية؛ حيث إنهم يتحدون الصعاب، وأثناء فعلهم ذلك يسببون حالة من الإلهام لمن حولهم، ويستطيعون إشعال إحساس من حولهم بالغاية والهدف، والقوة، ويعيدون كتابة قصص من حولهم.
سياسة | المصدر: رصد | تاريخ النشر : الثلاثاء 25 إبريل 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com